لا
تخلو حياة أي انسان على وجه هذه الخليقة من مطبات يمر بها وعثرات يقع
فيها.ومشاكل تسود على اثرها الحياة في وجهه.وأمور تقلب الخطط رأسا على عقب
وتفسد كل شيء..الا من يتعامل مع هذه التغييرات السلبية في حياته هو الذي
يستطيع ان يحولها من مصيبة الى مشكلة بسيطة.لا تاخذ من وقته الا القليل ولا
تخطف من سعادته الا اليسير.وكما قرات على لسان احدى السيدات انه لم يولد
ابدا انسان ومعه سعادته.فقد تكون الطفولة رغدة و هانئة تغلفها السعادة من
اول خطوط الشمس عندما تبزغ الى ان يجدل الليل خيوطه في المساء..حتى الاحلام
لا تعرف وقتها سوى الجميل والجمال.ثم تتغير الحياة بشكل فجائي او حتى
تدريجي حتى تضيق هذه السعادة يوما بعد يوم فتصبح ذكرى لا يسعف حتى الوقت
لاستذكارها.والعكس كذلك.
قد يولد الانسان فقيرا تخنقه المشاكل المالية وتضيق من حيلته..او يخطو أولى
سنوات طفولته يتيما يفتقد ما يتحدث به الآخرون من العطف والحنان وما
ينعمون به في ظل والدين ووسط أسرة توفر له البسيط من الامور ..الا انه وبعد
ان يشب ويكبر تصبح تلك الايام الاولى الصعبة..ذكرى يستعيدها في كل وقت ومع
كل موقف وكانه يقارن بين ما كان وما أصبح.وهذا بحد ذاته سعادة.
الا ان هناك من الناس من يعرف كيف يتعامل مع المشاكل والمنغصات بفضل
التجارب التي مر بها.وما تعلمه من حكم ونظريات استفاد منها طوال حياته حتى
تاقلم مع كل العثرات.وحول حياته فورا الى الطريق الذي يتواءم مع الظروف
الجديدة..فالحياة لا تعرف العناد ولا تتعايش معه والحكمة هي التي تفرض
علينا هذا التاقلم حتى نتجاوز المحن والمشاكل بكل هدوء ومن دون أي اصابات
نفسية.
وهناك من الناس ايضا من تتوقف حياته عند أول عثرة وأول مشكلة وأول مصيبة
.فيفقد الامل والثقة وحتى الاحلام.فيضيع وتضيع معه السعادة التي تنتظر منه
المبادرة والمحاولة والرغبة في الوصول لها باي شكل من الاشكال..وهذا هو
الفرق بين النوعين.
قد تتعثر الأحلام.ونفشل في تحقيقها رغم رغبتنا الشديدة والعمل الدؤوب
لتحويلها الى حقيقة ظاهرة..ولكن ذلك ليس هو بالنهاية وانما قد تكون بداية
الحياة او مرحلة سعيدة أخرى..لم نخطط لها ولم نعشها في أحلامنا..الا انها
قد تفوق الحلم الأول سعادة.
والسعادة التي يعيشها المرء هي ثمن ندفعه مقدما مما نتعرض له من منغصات
وهموم ومشاكل.فالسعادة لا تكون سعادة الا بعد ان تحل المعوقات
والمنغصات.وهذا بالطبع يتطلب التحدي والفشل يوما والمحاولة يوما آخر.
ولتعريف السعادة نقول انها لحظة حل المعضلة والقضاء على المشكلة.ومن ثم
تحقيق الحلم بعد ازالة كل المنغصات التي كانت تحول دون تحقيقه..أي بمعنى
آخر هي تحويل الحلم الجميل الى حقيقة جميلة.وتحدي كل المعوقات التي قد تسرق
جزءا.ولو بسيطا.من هذا الجمال.
تحيتي