التصريفــة |
جاءت ملفعةً بـ(سمْل) عباءةٍ
|
وتجر ُّحيرى خلفها أولادَها
|
مشدوهة العينين ذابلة اللمى
|
تهذي وتلعن تارةً أجدادها
|
وبكفّها خمسون ديناراً رجتْ
|
- وبحسرةٍ وبلوعةٍ - (خرّادها)
|
يا محسنين تقول: وهْي كسيرةٌ
|
وتريد في تصريفها إنجادها
|
فرفعتُ رأسي مستشفّاً حالها
|
فرأيت ما قد راعني أوما دهى
|
سمراء قد ذبلت نضارة وجهها
|
وإلى مهاوي الموت جوعٌ قادها
|
سمراء تستهوي القلوب بقدِّها
|
وتغيظ - في حُسنٍ بها - حسّادها
|
لكنها - والجوع أنْحَلَ جسمها -
|
صارت سيوفاً غادرتْ أغمادها
|
فبدَتْ بعينيها جهنم تصطلي
|
وتزيد - من ضيقٍ بها - إيقادها
|
وتحدّرت دمعاتها لكنها
|
نيرانها لم تستطع إخمادها
|
مدَّت إليَّ يداً كأنَّ عروقها
|
عيدان فحمٍ شكْلها وسَوَادها
|
قالت: بحق الله لا تَرْدُدْ يداً
|
مُدَّت إليك ولا تردَّ عنادها
|
خذها فصرِّفْها لتنقذ أنفساً
|
من جوعها كادت ترى أصفادها
|
(والنفس راغبة إذا رغَّبتها)
|
فاطلب - لنَيْل سعادة - قصَّادها
|
فأخذتها منها وصرت معايناً
|
في (نخلةٍ) علِّي أرى أشهادها
|
وإذا فرغت من النخيلة صرت أسْـ
|
ـتهدي (بخطٍّ) علّه قد سادها
|
وقَلَبْتها لأرى بمنتصفٍ بها
|
(فسْفورةً) شعّت فكان عمادها
|
لكنني فوجئت أن (خطيِّطاً)
| أودى بها إذ إنَّ فيه فسادها
|
فرفعت رأسي مرة اخرى إلى الـ
| ـمشدوهة العينين شمتُ سهادها
|
لكأنها قد سُمِّرتْ مأخوذةً
| أو أنها قد سَمَّرتْ حدَّادها
|
كانت بعينيها تذوب توسلاً
| وتودّ لو أُنهي لها ميعادها
|
فأقول فصْل القول في خمسينها
| لأريحها وأريح مَن لي قادها
|
فنظرت في وجه الضحية باسماً
| لأزيح ماقد هدّها وأبادها
|
ومددتُ في جيبي يدي فتبسمتْ
| وتفتحتْ - بل فَتَّحت - أورادها
|
أعطيتها الخمسين عشراتٍ بذا
| قد حققتْ - والأمنيات - مرادها
|